فصل: الشَّرْطُ الْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يكون إِلَى أجل:

وَيمْتَنع السّلم الْحَال وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَ (ش) الْحَالَّ لقَوْله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بوسقٍ مِنْ تمرٍ قَلما دخل الْبَيْت لم يجد التَّمْر فَقَالَ الْأَعرَابِي: لَمْ أَجِدِ التَّمْرَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاغَدْرَاهُ فَاسْتَقْرَضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَعْطَاهُ فَجَعَلَ الْجَمَلَ قُبَالَةَ وَسْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا السَّلَمُ الْحَالُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الْبُيُوعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَحَالًّا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول: أَنه مَخْصُوص بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْآيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَعَنِ الثَّانِي: إِنْ صَحَّ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ بَلْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَمْرٍ مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ فَلِذَلِكَ قَالَ: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا وَالَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ لِيُسْرِهِ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ لَمَّا رَأَى رَغْبَةَ الْبَدَوِيِّ فِي التَّمْرِ اشْتَرَى لَهُ تَمْرًا آخَرَ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى التَّمْرِ فَيَكُونُ ثَمَنًا لَا مُثْمَنًا لِأَنَّ الْبَاءَ مِنْ خَصَائِصِ الثَّمَنِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعُهُ الْمُكَايَسَةُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَاسِبُهَا وَالسَّلَمَ مَوْضُوعُهُ الرِّفْقُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَافِيهِ وَيَبْطُلُ مَدْلُولُ الِاسْمِ بِالْحُلُولِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَبْطُلُ مَدْلُولُ الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ الْبَيْعُ فِي الْمُكَايَسَةِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَمْ يَصِحَّ مُخَالَفَةُ السَّلَمِ بِالتَّعْجِيلِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّهُ جَوَابُ الثَّالِثِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ الْأَوَّلَوِيَّةَ فَرْعُ الشَّرِكَةِ وَلَا شَرِكَةَ هَاهُنَا بَلِ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ جَازَ مُؤَجَّلًا لِلرِّفْقِ وَالرِّفْقُ لَا يَحْصُلُ بِالْحُلُولِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ يَنْتَفِي أَلْبَتَّةَ سَلَّمْنَا الشَّرِكَةَ لَكَنْ لَا نُسلم عَدَمَ الْغَرَرِ مَعَ الْحُلُولِ بَلِ الْحُلُولُ غَرَرٌ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ حَالا فَعُدُولُهُ إِلَى السَّلَمِ قَصْدٌ لِلْغَرَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ: فَالْأَجَلُ يُعِينُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالْحُلُولُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْغَرَرُ وَلِهَذَا هُوَ الْغَالِبُ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرُ وَالْغَالِبُ: أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْأَكْثَرِ فَتَرَكَهُ الْآنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَيَنْدَرِجُ الْحَالُّ فِي الْغَرَرِ فَيَمْتَنِعُ فِي فَيَنْعَكِسُ عَلَيْهِمُ الْمَقْصُودُ ثُمَّ نَقُولُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْعِشْرِينَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ (ح): الْأَجَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَالْخِيَارِ أَوْ نِصْفُ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ مِنَ الْمَجْلِسِ فَيخرج علن السَّلَمِ الْحَالِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ الْحَالُّ وَإِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَاللَّحَّامِ وَالْفَكَّاهِ وَالرَّطَّابِ وَالْحَالُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَهُمَا قَرِيبٌ وَعَن مَالك: إِجَارَته إِلَى الْيَوْمِ مُطْلَقًا وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: إِلَى الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ أَحْسَنُ مِنْ بَعِيدِ الْأَجَلِ وَتَسْمِيَةُ الْأَجَلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ وَسَاقِطَةٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ يُقْبَضُ الْمُشْتَرَى فِيهِ عَادَةً وَسَاقِطٌ إِذَا كَانَتْ عَادَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ عَادَة وَشرط الْقَبْض فِي غير بلد فَقِيلَ: الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ كَالْأَجَلِ إِذَا خَرَجَا على الْفَوْر ويجيران عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْوُصُولِ وَقِيلَ: فَاسِدٌ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ السَّلَمَ يَتَضَمَّنُ الْمَكَانَ وَالزَّمَانَ فَذِكْرُ أَحَدِهِمَا لَا يُغْنِي عَنِ الْآخَرِ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذا قُلْنَا: لابد مِنْ أَجَلٍ تَتَغَيَّرُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَعَقَدَا عَلَى خِلَافِهِ اسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ فَسْخَهُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَمْ يَفْسَخْهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: وَالْقِيَاسُ: الْفَسَادُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ السَّلَمُ إِلَى يَوْمٍ فَقِيلَ: هِيَ رِوَايَةٌ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ وَقِيلَ: بَلِ الْمَذْهَبُ لَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ وَإِنَّمَا هَذَا خِلَافٌ فِي مِقْدَارِهِ.

.الشَّرْطُ الْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا:

لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ فَهُوَ مَبِيعٌ فَيَكُونُ مَعْلُومًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا قَالَ: إِلَى يَوْمِ كَذَا فَالْحَدُّ طُلُوعُ الْفَجْرِ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ غُرُورٌ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: يُكْرَهُ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ الْمُخَاصَمَةَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ نَقْلًا قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَأَجَازَهُ (ح) وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ إِلَى الْحَصَادِ وَمَا تَضْبِطُهُ الْعَادَةُ وَمَنَعَ (ش) و (ح) إِلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ عِنْدَهُمَا عَادَةً وَيَكُونُ الْأَجَلُ مُعْظَمَ ذَلِكَ دُونَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تُحْسَبُ بِالْأَهِلَّةِ وَيُكَمَّلُ الْكَسْرُ مِنَ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ وَإِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ رَمَضَانَ فَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَفِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَيُكْرَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: إِنِ اخْتَلَفَ بِذَلِكَ الثَّمَنُ فُسِخَ وَإِلَّا فَلَا وَإِلَى أَوَّلِ يَوْمٍ فِي آخِرِهِ فَهُوَ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِلَى آخَرِ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ الْخَامِسَ عَشَرَ.

.الشَّرْطُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرط زمَان وجوده احْتِرَازًا مِنَ السَّلَمِ فِي فَاكِهَةِ الشِّتَاءِ لِأَجَلٍ فِي الصَّيْفِ وَبِالْعَكْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْهُ غَرَرٌ فَيَمْتِنَعُ.


.الشَّرْطُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيم:

عِنْد الْأَجَل احْتِرَازًا مِنَ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْأَجَلِ لَكَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْعَجز عَنهُ لَيْلًا يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفً.
قَاعِدَةٌ:
السَّلَفُ رَخَّصَ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْعِبَادِ فَاسْتَثْنَاهُ لِذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَاجُزِ فِيهِ فَإِنْ فُعِلَ لِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ امْتَنَعَ فَإِذَا آلَ أَمْرُ الثَّمَنِ إِلَى السَّلَفِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْرُوفَ أَوَّلًا امْتَنَعَ لِفُقْدَانِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ لِأَنَّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ إِذَا وَقَعَ لِغَيْرِ اللَّهِ امْتَنَعَ وَيُفِيدُنَا هَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُعَلِّلُ الْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِمْ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سلفا فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِتَوَقُّعِ هَلَاكِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ.
فرع:
قَالَ يُمْنَعُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ بِصِفَةٍ وَإِنْ كَانَتْ حوامل لعدم الوثوق بنسله وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَضْمُونًا وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ إِلَّا فِي الْإِبَّانِ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ ويُشترط الْأَخْذُ فِي الْإِبَّانِ وَإِنْ لَمْ يُنَفَّذْ إِذَا شُرِعَ فِي الْأَخْذِ فِي يَوْمِهِ إِلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ فَإِنْ سَلَفَ فِي لَبَنِهَا قَبْلَ الْإِبَّانِ وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ فِيهِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ الْمُعَيَّنِ الْمَوْصُوفِ إِذَا لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْوَضْعُ قَرِيبًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى الصِّفَةِ دَفَعَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَلَا غَرَرَ وَلَا يَكُونُ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا فَيَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الْوَضْعُ بَعِيدًا فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَنْعُ لِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالثَّمَنِ وَأَصْلُ غَيْرِهِ: الْجَوَازُ إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ كَثِيرَةً فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي لَبَنِهَا فِي الْإِبَّانِ وَشِرَاؤُهُ جِزَافًا بَعْدَ اخْتِبَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَالشَّاتَيْنِ جَازَ السَّلَمُ فِي نِصْفِ لَبَنِهَا وَمَا الْغَالِبُ حُصُولُهُ مِنْهَا وَكُرِهَ شِرَاءُ جُمْلَتِهِ لِتَوَقُّعِ اخْتِلَافِهِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ يُحَصِّلُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَمْ يُكْرَهْ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا عَنِ الْمُعْتَادِ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْحَلَّابُ جُمْلَةً كَانَ لِصَاحِبِهَا الْفَسْخُ وَكَذَلِكَ الْغنم الْكَثِيرَة إِذا أَخذهَا الجرب وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جُبْنِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ وَزُبْدِهَا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ صِفَتَهُ وَاخْتُلِفَ فِي السَّمْنِ وَالْأَقِطِّ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ لِاخْتِلَافِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرْهُهُ لِبُعْدِهِ كَاشْتِرَاطِ أَخْذِ الزَّهْوِ تَمْرًا أَوْ كَشِرَاءِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَى بَائِعِهِ عَصْرَهُ فَلَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ وَصفه وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم السيوري: إِذَا لَمْ يَنْقُدْ وَشَرَطَ: إِنْ وَافَقَ الْعَقْدَ أَخَذَهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ الْغَرِقَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى جِزَازَ كِبَاشٍ مُعَيَّنَةٍ فَيُصَابُ بَعْضُهَا قَبْلَ الْجَزِّ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ مَقَالٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ذَلِكَ إِذَا فُقِدَتْ أَعْيَانُهَا بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا بِالْمَوْتِ: فَلِلْمُشْتَرِي صُوفُهَا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا عِنْدَ النَّاسِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَعَلَّهُ يَعْنِي إِذَا اشْتَرَاهُ وَزْنًا أَمَّا جِزَافًا فَلَا يُوضَعُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَيُشْتَرَطُ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ قَالَ سَنَدٌ: لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: يُسَلَّمُ فِي الْإِبَّانِ بِشَرْطِ الْأَخْذِ فِيهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنِ اشْتَرَطَ أَخَذَهُ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا السّلم فِي الإبان أم لَا قَولَانِ وَإِن أسلم فِي غير الإبان وَاشْتَرَطَ أَخْذَهُ فِي الْإِبَّانِ أَجَازَهُ مَالِكٌ و (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْتَرَطَ (ح): اسْتِقْرَارَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى زَمَانِ التَّسْلِيمِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيَحِلُّ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُؤْخَذ السّلم فِيهِ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ غَائِبٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعْدُومِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ وَلِأَنَّ الْعَدَمَ أَبْلَغُ مِنَ الْجَهَالَةِ فَيَبْطُلُ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ نَفْيٌ مَحْضٌ وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنِ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَيُنَافِي التَّحْرِيمَ أَوَّلُهُ دُونَ آخِرِهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكُلُّ مَا نَافَى آخِرَ الْعَقْدِ نَافَى أَوَّلَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَالْعَدَمُ يُنَافِي عَقْدَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي الْعَقْدَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ بَلِ الْأَصْلُ: الْعَدَمُ إِلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلِعَدَمِ الْوُجُودِ يَمْتَنِعُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمِ الْغُرَمَاءَ الصَّبْرُ إِلَى الْإِبَّانِ وَيُحَاصِصُوا الْمُشْتَرِيَ فَمَا نَابَهُ وَقَفَ فَإِن اتّفق الْوَرَثَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيمَةِ جَازَ إِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَيَشْتَرِي بِهَا مَالَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْفَصْلِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ يُعَارَضُ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إِبَّانِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى ادِّعَاءِ وَجُودِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ سَلَمًا فَلَا يَلْزَمُ مِنَ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِهَا فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنَ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إِلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التَّنْمِيَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ ثُمَّ ينْتَقض مَا ذكر الْمَعْقُود بِالْإِجَارَةِ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ آكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَكَنْ آكَدُ مِنَ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهَا هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ التَّسْلِيمِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَالِيَّةِ أَلْبَتَّةَ بَلِ الْمَالِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسَلُّمِ فَهَذَا الْعَدَمُ حينئذٍ طَرْدِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدِم الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسلفون فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ والسنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووزنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» يَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحدهَا: أَن تمر السَّنَتَيْنِ مَعْدُومٌ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَثَالِثِهَا: أَنَّ الْوُجُودَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لَمْ يَجْعَلْهُ الْمُتَعَاقِدَانِ مَحَلًّا للْمُسلمِ فِيهِ فَلَا يعْتَبر وجوده كَمَا بعد الْأَجَل لَان الْقُدْرَة على التسلم إِذا بطلبت فِي وَقت اقْتَضَاهُ العقد أما مَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ وَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلغى إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ أَثْمَانِ بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ثَمَرِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَيُشْتَرَطُ الْأَخْذُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ إِذَا كَانَتْ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَطِعُ كَالْبُسْرِ فَيُشْتَرَطُ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهَا.

.الشَّرْطُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْمُسلم فِيهِ دينا فِي الذِّمَّة:

احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا أَجَلًا بَعِيدًا خَشْيَةَ هَلَاكِهَا قَبْلَهُ وَيَجُوزُ لِلْيَوْمَيْنِ لِقُرْبِهِمَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَيَجُوزُ مَا لَا غَرَرَ فِيهِ كَالْيَوْمَيْنِ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّلَاثِ فِي الثَّوْبِ وَالشَّهْرِ فِي الدَّارِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ أُسْقِطَ الْأَجَلُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسَادِ اخْتُلِفَ فِي الْإِمْضَاءِ قَالَ: وَأَرَاهُ جَائِزًا إِذَا رَضِيَا وَكَأَنَّهُ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ وَإِذا قَالَ: هُوَ مِنْ ضَمَانِي عِنْدَكَ جَازَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: بَلْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ زَادَ الضَّمَانَ ثَمَنًا وَالضَّمَانُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ قَالَ سَنَدٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْبِضَ إِلَى شهر بل أَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَبَقَاؤُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ وَالْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَنَافِعُهَا لِلْأَجِيرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَلَمْ يُنَاقِضِ الْعَقْدَ وَإِذَا صَحَّحْنَا الشَّرْطَ: فَالضَّمَانُ فِي الْمُدَّةِ مِنَ الْبَائِعِ اسْتِصْحَابًا لِضَمَانِهِ لِسِلْعَتِهِ وَكَذَلِكَ حَيْثُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْمُدَّةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْمُدَّةِ فَهِيَ مِنْهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَتَّصِلُ بِهِ الْقَبْضُ ثُمَّ يَهْلِكُ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِهِ وَقَدْ قَبَضَهَا فِي الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَعَلَهُ كَالْقَبْضِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ فِي الْعَيْنِ الْمُتَأَخِّرِ قَبْضُهَا وَقَالَ: إِنْ صَارَتْ فِي مِلْكِي فَهِيَ لِي بِكَذَا قَالَ: وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَاعِدَةٌ: الْغَرَرُ فِي الْمَبِيعِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ: فِي الْوُجُودِ: كالآبق والحصول: كالطائر فِي الْهَوَاء وَالْجِنْس: كسعلة لَمْ يسمِّها وَالنَّوْعِ: كَعَبْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَالْمِقْدَارِ: كَبيع مَا تَصِلْ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَجْرِ وَالتَّعْيِينِ: كَبَيْعِ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَالْبَقَاءِ: كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَيْعِ الْمُعَيَّنِ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ مِنْ غَرَرِ الْبَقَاءِ كَالثِّمَارِ فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ شُرِعَ للمعروف مُسْتَثْنى من قَوَاعِد الرِّبَا قَرْيَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَمْنَعُ فِي الْمُكَايَسَةِ حَيْثُ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ لِوُقُوعِ الْمَفْسَدَةِ مَعَ عَدَمِ مُعَارَضَتِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَوْقَعُوا مَا لِلَّهِ لغيره وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مبينَة عَلَيْهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ يَكُونُ الثَّمَنُ سَلَفًا قَاعِدَةٌ: الْأَصْلُ فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّة أَن تترتب عَلَيْهَا مُسَبِّبَاتُهَا تَحْصِيلًا لِحُكْمِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَإِذَا تَأَخّر قبض الْمعِين توقعنا هَلَاكه قبل تَرْتِيب حُكْمِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْمِلْكَ قَدْ ثَبَتَ حُكْمُ السَّبَبِ مُضَافًا إِلَى تُهْمَةِ الْبَائِعِ فِي التَّعَدِّي.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسراً أَوْ تَمْرًا لِتَوَقُّعِ الْهَلَاكَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ وَيُضْرَبُ أَجَلًا وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَهَلْ يَأْخُذُ بُسراً أَوْ رُطَبًا نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ وَسَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ وَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَتَأَخُّرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَرِيبٌ لِأَنَّهَا عَوَائِدُ النَّاسِ فِي قَبْضِ مِثْلِ هَذَا شَيْئًا فَشَيْئًا لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ شَرَطَ أَخْذَهُ تَمْرًا امْتَنَعَ لِبُعْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ مَا شَاءَ لِلْجَهَالَةِ فِي الْأَجَلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ لَكَنْ يَجِبُ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ فِيهَا لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ سَلَمٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلْحَائِطِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزْهَى وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ بُسراً أَوْ رُطَبًا وَأَنْ يُبَيَّنَ أَجَلُ الْأَخْذِ فَإِنْ ذَكَرَ أَيَّامًا بَيَّنَ أَعْدَادَهَا وَتَوَالِيَهَا وَمَبْدَأَهَا وَمُنْتَهَاهَا وَأَنْ يَذْكُرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَأَنْ لَا يَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ فِي وَقْتِهِ وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الْأَيَّام فَإِن شكّ فِي تَبْيِين ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ أَوْ بَقَائِهِ إِلَى آخِرِ الْأَيَّامِ امْتَنَعَ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرِ حَائِطٍ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالْإِرْطَابِ لِيَأْخُذَهُ تَمْرًا كَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَكُنْ يَبْيَضُّ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لِيَأْخُذَ زَهْوًا أَوْ رُطَبًا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ إِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ صِفَتُهُ فَأَجَازَهُ مَعَ أَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ وَإِنْ قَصَدَ الْمُبَايَعَةَ لَكَنْ رَاعَى الْمَعْرُوفَ لِيَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي حَائِطِهِ وَيَأْمَنَ الرُّجُوعَ بِالْجَوَائِحِ جَازَ أَيْضًا وَإِنْ قَصَدَ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا دَفَعَ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَفًا.
فرع:
قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ فِي رُطب حَائِطٍ بِعَيْنِهِ فَأُجِيحَ انْفَسَخَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ كَالْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِتَمْرِهَا كَالْحَائِطِ؟ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَجْرَى عَلَيْهِمَا ابْنُ مُحْرِزٍ تَقْدِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ لَا يَلْزَمُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَى الْآخَرِ: يَلْزَمُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَال إِن أمكن الْمُسلم إِلَيْهِ لشراء كَانَ سَلَمًا وَإِلَّا فَكَالْحَائِطِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يَجِبُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ جَزْمًا وَسَوَّى أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَابِ بَيْنَ إِسْلَامِهِ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ أَزْهَى أَوْ أَرْطَبَ وَقَالَ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ: يُكْرَهُ بَدْءًا وَيُمْضَى إِذَا تُرِكَ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: بَلِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابِ فَيُفْسَخُ إِذَا أَزْهَى بِخِلَافِ إِذَا أَرْطَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْكِتَابِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي زَرْعِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ بَدَا صَلَاحُهَا بِخِلَافِ التَّمْرِ لِأَنَّ التَّمْرَ يُشْتَرَطُ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا وَيُمْتَنَعُ تَأْخِيرُ الزَّرْعِ حَتَّى يَيْبَسَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونِ الْآفَاتِ قَبْلَ الْيُبْسِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ بِمَا يَفُوتُ: فَرَوَى أَشْهَبُ: بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْإِفْرَاكَ صَلَاحُهُ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ خَفِيفَة وَقيل:
بِالْقَبْضِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُفْسَخُ مُطْلَقًا كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحهَا وَصَلَاح الْحبّ يبسه لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَبْيَضَّ.